زكي ناصيف.. شيخ الفولكلور اللبناني

زكي ناصيف ابن مشغرة، اللتي استوحى منها ألحانه وأغانيه، هو يعتبر واحدًا من الملحنين اللبنانيين الذين واكبوا نهوض إذاعة لبنان في أربعينات القرن العشرين، وماتزال أعماله مؤثرة في الموسيقى الشعبية اللبنانية. قدّم أكثر من 500 أغنية ولحن وغنّاها بصوته أو بأصوات عدد كبير من المطربين.

منذ عدة سنوات وبرعاية مؤسسة “أبساد” حول منزل شيخ الفلكلور اللبناني زكي ناصيف في مشغرة الى متحف، حيث وصلت تكاليف تأهيل وترميم المنزل 600 ألف دولار، ويضم المتحف سيضم مقتنيات ناصيف، وهي عبارة عن آلة البيانو وسريره الخاص، وخزانته وصورته، الى جانب طاولة مثلثة الأضلاع والكرسي التي كان يجلس عليها، فضلاً عن مقطوعات وإبداعات فنية وإرثه الموسيقي.

ولد في بلدة مشغرة، في البقاع الغربي في عام 1916. ومن صغره، شارك في الشعر والموسيقى الشعبية (مثل الزجل، “المعنى”، “العتابة”، الميجانا، أبو الزلف، الخ). ألف ما سمّي آنذاك “عصبة الخمسة” مع الاخوين رحباني، حليم الرومي والد ماجدة الرومي، وتوفيق الباشا، فيلمون وهبي، وهدفهم كان الخروج على الغناء الشائع إلى محاولة اكتشاف لون من الغناء المحلي الذي يستمد من الفولكلور جمله اللحنية، في اعتبار أن الفولكلور خامات فنية قابلة للصقل والتطوير.

ساهموا بإمداد إذاعة الشرق وإذاعة لبنان بالمواد الموسيقية والغنائية في الخمسينات. وفي العام 1957 دشنت العصبة انطلاق “الليالي اللبنانية” الأولى في “مهرجانات بعلبك الدولية”، بعمل فولكلوري في عنوان “عرس في القرية”. وفي تلك الليالي البعلبكية الأولى انطلقت الأغنية التي لحنتها وغناها الكورس: “طلّوا حبابنا طلّوا/ نسِّم يا هوا بلادي”، وكذلك أغنية “يا لا لا لا عيني يا لا لا لا”، اللتان غنّاهما لاحقاً وديع الصافي. ودرس زكي ناصيف الموسيقى في الجامعة الأميركية في بيروت، وانضم إلى فريق إذاعة الشرق في فترة الانتداب الفرنسي، وساهم في إطلاق مهرجانات بعلبك الدولية. وفي حياته المديدة ألّف موسيقى أغنيات لفيروز وصباح ووديع الصافي وماجدة الرومي وغيرهم، كما أدى شخصياً عدداً من ألحانه، ودرّس في الكونسيرفاتوار الوطني اللبناني.

لا ينتمي ناصيف إلى مدرسة الرحبانية الموسيقية التي مزجت الموسيقى الغربية والكلاسيكية بالطابع الشعبي اللبنانية والنمط التقليدي القديم. بدلا من ذلك، أبقي على المواد القديمة ولكن بروح جديدة متزاوجة مع تقاليد الضيعة اللبنانية.

ومن أهم ما يشد اللبنانيين من مؤلفاته أغنية “راجع راجع يتعمر” والتي غناها خلال الحرب الأهلية والتي اعتبرت نشيد يدل على صمود البلد في وجه الدمار. وما أثار استغراب العديد الأشخاص الذين يعتقدون أن زكي ناصيف لا يمكن أن تنتج مواد جديدة لكبر سنه، أنه في عام 1994 ألف ألبوم كامل لفيروز سماه “فيروز تغني زكي ناصيف”، من إنتاج صوت المشرق. يحتوي القرص المدمج على مواد ممتازة تعرض قدرات وزكي ناصيف على الإنتاج والتمايز والتعبير. ولزكي ناصيف العديد من المطربين الجدد الذين رعاهم وقدم لهم المواد الغنائية التي تناسب قدراتهم الصوتية.

توفي في بيروت في 10 مارس 2004 على إثر نوبة قلبية عن عمر يناهز 87 عاماً.