قاموع الهرمل أو قمع الهرمل أو هرم الهرمل، (يعرف باسم هرم الرب، بيت إيل)، هو هرم قديم يقع على بعد 6 كم جنوب الهرمل، محافظة بعلبك-الهرمل.
يعتقد بأنه يعود إلى القرن الأول أو الثاني قبل الميلاد بسبب أوجه التشابه مع الهندسة المعمارية للمقابر البرجية في أواخر العصر السلوقي في تدمر في سوريا،
الروايات المتعددة عن هذا الصرح زاخرة بالتكهنات، حيث تناقل الأهالي رواية مفادها أن ابن أحد ملوك الفرس صرعه خنزير بري أثناء قيامه برحلة صيد، وتكريماً لذكراه، أمر الملك ببناء ضريح عند أعلى نقطة من السهل الموجود في المنطقة، أو في المكان الذي قضى فيه الابن، استناداً الى النقوش البادية على الجهات الأربع من النصب والتي ترمز الى المعركة التي دارت بين الفتى والخنزير، عدا عن رواية أخرى تشير إلى أن النصب شيّد فوق قبر ملك روماني كان يدعى هرمليوس
الهرم القابع فوق هذه المنطقة وحيداً وسط الأرض القاحلة يبدو للزائر في وضوح كلي، يضاف اليه أن الدولة الفرنسية خلال فترة انتدابها للبنان عام ،1927 أمرت بفتح القاموع لعلمها بأنه يضم كنوزاً وأمتعة وأسلحة من أيام الفرس. وبغض النظر عن صحة هذه الرواية، وعما إذا كان الفرنسيون وجدوا مبتغاهم، فإن علماء آثار فرنسيين أعادوا ترميم الزاوية التي طالها الهدم من الجهة الجنوبية – الغربية من الهرم عام 1931 مستخدمين حجارة بركانية سوداء بازلت تبدو للعيان مختلفة عن حجارته الكلسية القديمة.
تركيب البناء
الهرم أو القاموع يرتفع 26 متراً عن سطح الأرض، وهو عبارة عن كتلة واحدة خالية من أي باب أو نافذة، مؤلف من قاعدة بارتفاع 1.40 متر، وهي عبارة عن ثلاث طبقات من الرخام الأسود، وترتفع فوقها ثلاثة طوابق: سفلي مربع الشكل ارتفاعه 7.80 متر مزّين بالنقوش ومحاطة كل جهة منه بالاعمدة، ووسطي مربع الشكل ارتفاعه 7,20 متر، زيّنت كل جهة منه بأربعة أعمدة متناسقة الشكل بإرتفاع 0.60 متر، وعلوي هرمي الشكل ارتفاعه 9.60 متر، مزين بلوحات فنية محفورة على جدرانه، وببعض النقوش التي تمثل صوراً ووجوهاً لبعض الملوك، كما يرمز بعضها الى مشاهد صيد الخنازير البرية والغزلان، بوجود احد الدببة الذي يحمي صغاره. ولكن ما يوحد كل المشاهد المنقوشة على الهرم هو خلوها من أي أثر للصيادين، والاستعاضة عنهم بعدة الصيد من الرماح والاقواس والعصي الحديدية، وأشياء أخرى يصعب تحديد ما هيتها، إضافة الى الكلاب، الأمر الذي لم يجد له علماء الآثار أي تفسير حتى الآن، كما هو لغز هذا القاموع.
أما الجزء الثاني فيتألف من ثمانية مداميك، وتبرز من كل جهة اربعة أعمدة ملتصقة وبارزة عن بطن الهرم، وتعلو هذه الأعمدة تيجان وكورنيش بعدة أضلاع متساوية وبارزة عن الهرم. والجزء الأعلى من الهرم تبدأ قاعدته بشكل نصف دائري، ويلتف أفقياً على جوانب الهرم بشكل هندسي رائع، ومنه تنطلق قاعدة الهرم النهائية بحيث تشبه رأس المسلة، ويجعلنا نفكر بأن هذا الهرم متأثر بالحضارة الفرعونية، لكن هذا لا يعني أن هذا البناء فرعوني، فهذا النمط من البناء له طابع خاص ومميز بين الآثار الرومانية والأوروبية وفي بعض الأحيان كانت تمتزج الحضارات ببعضها البعض من حيث التحالف الروماني الذي يمتد من مصر حتى سوريا، لكن من دون أن يضيّع الرومان أحرفهم الأصلية التي حملوها معهم من روما، حيث السياسة الموحدة التي كانت روما تفرضها على العالم، ويتولد هذا التوحيد من تأثرها بالحضارة اليونانية، حيث تولدت فيما بعد الحضارة البيزنطية.

الهدف من البناء
الهدف من بناء القاموع هو مراقبة المنطقة ترقباً للجيوش الغازية، وأيضاً نقطة دليل للقوافل التجارية والعسكرية، التي كانت تصل من جبيل مروراً بقلعة فقرا وأفقا وقلعة بعلبك واللبوة ثم الهرمل وحمص ومملكة تدمر، وكانت تصدر من هذا الهرم إشارات ضوئية تصل مدينة بعلبك بمملكة تدمر لتعلن وصول الملوك والجيوش أو الغزاة. وفي ملاحظة لكيفية بناء هذا الهرم وكم هي الاسرار التي تكمن في داخله وخارجه وشكله واتجاه واجهاته الاربع، نرى أن الواجهة الجنوبية تتجه بشكل مباشر نحو بعلبك والواجهة الشمالية نحو حمص ومملكة تدمر، أما الجنوبية فنحو سلسلة الجبال التي تطل على البحر المتوسط من أجل مراقبة الغزاة، أما الواجهة الشرقية التي تطل عليها سلسلة الجبال الشرقية، حيث توجد أسفل هذه السلسلة القنوات التي كانت تغذي مملكة تدمر بالمياه. أما السهل الذي يحيط بالهرم، فكان يزرع بالقمح الذي كان يغذي الجيوش الرومانية، ولقد سميت هذه المنطقة بإهراءات روما، وكانت الألوان الذهبية تتلألأ في هذا السهل عند يباس الحصاد في شهر يونيو، وكان يعج بالحيوانات خاصة الغزلان، وهذا ما تؤكده رسوم الصيد الموجودة على واجهات الهرم الأربع.
يشير أحد المراجع عن تاريخ وهدف بناء هذا الهرم، حيث يقول إنه كانت له ميزة سابقة تختلف عن الميزة التي هي عليه الآن، ففي بداية الامر كانت أهداف بنائه كمعبد دُفن فيه أحد الملوك وتم ردمه، حيث يقع المدفن في الأسفل. ومن أجل هذا الأمر فإن جزءاً منه هدم وسلب ما في داخله ثم أُعيد ترميمه، وهذا ملاحظ من أشكال الحجارة الجديدة التي رُمم بها. فليس هناك أي اعتقاد بأن هذا الهرم هدم بفعل العوامل الطبيعية اي الزلازل. إن بناءه وشكله الهندسي لا يسمحان له بـالتهدم بسهولة، ذلك لأنه في الداخل مملوء بالردم وحجارته متشابكة بمواد وأتربة قوية.